الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{وَبَدَا لَهُمْ} ظهر لهم.{سَيّئَاتُ مَا عَمِلُواْ} على ما كانت عليه بأن عرفوا قبحها وعاينوا وخامة عاقبتها. أوجزاءها.{وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءونَ} وهو الجزاء.{وَقِيلَ اليوم نَنسَاكُمْ} نترككم في العذاب ترك ما ينسى.{كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا} كما تركتم عدته ولم تبالوا به. وإضافة لقاء إلى يوم إضافة المصدر إلى ظرفه.{وَمَأْوَاكُمُ النار وَمَا لَكُمْ مّن ناصرين} يخلصونكم منها.{ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ اتخذتم ءايات الله هُزُوًا} استهزأتم بها ولم تتفكروا فيها.{وَغَرَّتْكُمُ الحياة الدنيا} فحسبتم أن لا حياة سواها.{فاليوم لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا} وقرأ حمزة والكسائي بفتح الياء وضم الراء.{ولاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ} لا يطلب منهم أن يعتبوا ربهم أي يرضوه لفوات أوانه.{فَلِلَّهِ الحمد رَبّ السموات وَرَبّ الأرض رَبّ العالمين} إذا لكل نعمة منه ودال على كمال قدرته.{ولهُ الكبرياء في السموات والأرض} إذ ظهر فيها اثارها.{وَهوالعزيز} الذي لا يغلب.{الحكيم} فيما قدر وقضى فاحمدوه وكبروه وأطيعوا له. عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حم الجاثية ستر الله عورته وسكن روعته يوم الحساب». اهـ.
وحين بكتهم وسكتهم صرح بما هو الحق وقال: {قل الله يحييكم} إلى آخِره. ثم أراد أن يختم السورة بوصف يوم القيامة وما سيجري على الكفار فيه فقال: {ويوم تقوم الساعة} العامل فيه يخسر وقوله: {يومئذ} بدل من {يوم} وفيه تأكيد للحصر المستفاد من تقديم الظرف. قال ابن عباس: الجاثية المجتمعة للحساب المترقبة لما يعمل بها. وقيل: باركة جلسة المدعي عند الحاكم.وقيل: مستوفزًا لا يصيب الأرض إلا ركبتاه وأطراف أنامله. والجثو للكفار خاصة. وقيل: عام بدليل قوله بعد ذلك {فأما الذين آمنوا} {وأما الذين كفروا} {تدعى إلى كتابها} يريد كتاب الحفظة ليقرؤه. وقال الجاحظ: إلى كتاب نبيها فينظر هل عملوا به أم لا. ويقال: يا أهل التوراة يا أهل القرآن.{اليوم تجزون} بتقدير القول ومما يؤيد القول الأول قوله: {هذا كتابنا} إلى قوله: {إنا كنا نستنسخ} أي نأمر بالنسخ. وإضافة الكتاب تارة إليهم وأخرى إلى الله عز وجل صحيحة لأن الإضافة يكفي فيها أدنى ملابسة. فأضيف إليهم لأن أعمالهم مثبتة فيه. وأضيف إلى الله سبحانه لأنه أمر ملائكته بكتبه. قوله: {أفلم تكن} القول فيه مقدر أي فيقال لهم ذلك قوله: {إن نظن إلا ظنًا} قال أبو علي والأخفش: هذا الكلام جار على غير الظاهر لأن كل من يظن فإنه لا يظن إلا الظن. فتأويله أن ينوي به التقديم أي ما نحن إلا نظن ظنًا. وقال المازني: تقديره إن نظن نحن إلا ظنًا منكم أي أنتم شاكون فيما تزعمون وما نحن بمستيقنين أنكم لا تظنون. وقال جار الله: أصله نظن ظنًا ومعناه إثبات الظن فحسب. فأدخل أداة الحصر ليفيد إثبات الظن مع نفي ما سواه وأقول: الظن قد يطلق على ما يقرب من العلم. ولا ريب أن لهذا الرجحان مراتب وكأنهم نفوا كل الظنون إلا الذي لا ثبوت علم فيه وأكدوا هذا المعنى بقوله: {وما نحن بمستيقنين} وباقي السورة واضح مما سلف والله أعلم. اهـ.
|